احلام اليقظه
بقلم / حلا الخالدي
أحلام اليقظة ليست مجرد شرود عابر، وليست هروبًا من واقعٍ نعيشه، بل هي فسحة الروح حين تضيق بها الطرق، وملاذ القلب حين يثقل عليه صخب الحياة. في لحظات الصمت، حين يسافر العقل بعيدًا، تولد هذه الأحلام؛ خيطٌ من ضوء يتدفق في الداخل، يرسم لنا عوالم لا يقدر عليها الواقع.
أحلام النوم تزورنا بلا استئذان، تأتي محمّلة برسائل غامضة أو صور مبعثرة لا ندرك معناها تمامًا، أما أحلام اليقظة فهي تلك التي نصنعها بوعي، ونشكّل ملامحها بأيدينا. هناك، نستطيع أن نرى المستقبل كما نرجوه، ونعيش لحظات لم تأت بعد، نلمس فيها سكينة الحياة، ونستشعر فيها دفء الأماني.
في أحلام اليقظة، يمكن للإنسان أن يكون ما لم يستطع أن يكونه في الواقع، وأن يحقق ما استعصى عليه، وأن يمدّ يده إلى المستحيل فيجعله قريبًا. هي عالمٌ موازٍ، لكنه ليس وهمًا كاملًا؛ لأنه يُبقي فينا جذوة الأمل حيّة، ويغرس في قلوبنا اليقين بأن الغد قد يحمل لنا ما نحلم به.
وربما تكمن قيمتها في أنها تمنحنا القوة لنواصل، تُعيد إلينا بريق الأمل حين يخفت، وتذكّرنا بأن داخل كل واحدٍ منّا قدرة على أن يرسم غدًا أجمل. ليست أحلام اليقظة ضياعًا للوقت كما يظن البعض، بل هي استراحة الروح، ورحلة قصيرة نحو الذات، ونافذة صغيرة على عالمٍ نرجوه بصدق.
إنها الوعد الخفيّ بأن للحياة وجهًا أكثر إشراقًا، وبأن الحلم الذي يسكننا قد يخرج يومًا إلى النور، إذا امتلكنا الصبر والإرادة لنحوّله من خيال إلى حقيقة.